responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 436
[سورة آل عمران (3) : آية 176]
وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (176)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ] فيه مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ نَافِعٌ يُحْزِنْكَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ، وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا قَوْلَهُ:
لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ [الْأَنْبِيَاءِ: 103] فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّهُ فَتَحَ الْيَاءَ وَضَمَّ الزَّايَ، وَالْبَاقُونَ كُلُّهُمْ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الزَّايِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: اللُّغَةُ الْجَيِّدَةُ: حَزَنَهُ يَحْزُنُهُ عَلَى مَا قَرَأَ بِهِ أَكْثَرُ الْقُرَّاءِ، وَحُجَّةُ نَافِعٍ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ يُقَالُ: حَزَنَ يَحْزُنُ كَنَصَرَ يَنْصُرُ، وَأَحْزَنَ يُحْزِنُ كَأَكْرَمَ يُكْرِمُ لُغَتَانِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ عَلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ رَسُولَهُ آمِنًا مِنْ شَرِّهِمْ، وَالْمَعْنَى: لَا يَحْزُنْكَ مَنْ يُسَارِعُ فِي الْكُفْرِ بِأَنْ يَقْصِدَ جَمْعَ الْعَسَاكِرِ لِمُحَارَبَتِكَ، فَإِنَّهُمْ بِهَذَا الصَّنِيعِ إِنَّمَا يَضُرُّونَ أَنْفُسَهُمْ وَلَا يَضُرُّونَ اللَّهَ، وَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا النَّبِيَّ وَأَصْحَابَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا، وَإِذَا حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ضَرَرٍ مَخْصُوصٍ، لِأَنَّ مِنَ الْمَشْهُورِ أَنَّهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَلْحَقُوا أَنْوَاعًا مِنَ الضَّرَرِ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى أَنَّ مَقْصُودَهُمْ مِنْ جَمْعِ الْعَسَاكِرِ إِبْطَالُ هَذَا الدِّينِ وَإِزَالَةُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ لَا يَحْصُلُ لَهُمْ، بَلْ يَضْمَحِلُّ أَمْرُهُمْ وَتَزُولُ شَوْكَتُهُمْ، وَيَعْظُمُ أَمْرُكَ وَيَعْلُو شَأْنُكَ. الثَّانِي: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ، وَمُسَارَعَتُهُمْ هِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخَوِّفُونَ الْمُؤْمِنِينَ/ بِسَبَبِ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَيُؤَيِّسُونَهُمْ مِنَ النُّصْرَةِ وَالظَّفَرِ، أَوْ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ مُحَمَّدًا طَالِبُ مُلْكٍ، فَتَارَةً يَكُونُ الْأَمْرُ لَهُ، وَتَارَةً عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ رَسُولًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مَا غُلِبَ، وَهَذَا كَانَ يُنَفِّرُ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ الرَّسُولُ يَحْزَنُ بِسَبَبِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ قَوْمًا مِنَ الْكُفَّارِ أَسْلَمُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا خَوْفًا مِنْ قُرَيْشٍ فَوَقَعَ الْغَمُّ فِي قَلْبِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ السَّبَبِ، فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ظَنَّ أَنَّهُمْ بِسَبَبِ تِلْكَ الرِّدَّةِ يُلْحِقُونَ بِهِ مَضَرَّةً فَبَيَّنَ اللَّهُ أَنَّ رِدَّتَهُمْ لَا تُؤَثِّرُ فِي لُحُوقِ ضَرَرٍ بِكَ قَالَ الْقَاضِي: وَيُمْكِنُ أَنْ يَقْوَى هَذَا الْوَجْهُ بِأُمُورٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُسْتَمِرَّ عَلَى الْكُفْرِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ يُسَارِعُ فِي الْكُفْرِ، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِذَلِكَ مَنْ يَكْفُرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ. الثَّانِي: أَنَّ إِرَادَتَهُ تَعَالَى أَنْ لَا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِمَنْ قَدْ آمَنَ، فَاسْتَوْجَبَ ذَلِكَ، ثُمَّ أُحْبِطَ الثَّالِثُ: أَنَّ الْحُزْنَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى فَوَاتِ أَمْرٍ مَقْصُودٍ، فَلَمَّا قَدَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِانْتِفَاعَ بِإِيمَانِهِمْ، ثُمَّ كَفَرُوا حَزِنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ لِفَوَاتِ التَّكْثِيرِ بِهِمْ، فَآمَنُهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَرَّفَهُ أَنَّ وُجُودَ إِيمَانِهِمْ كَعَدَمِهِ فِي أَنَّ أَحْوَالَهُ لَا تَتَغَيَّرُ.
الْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُرَادَ رُؤَسَاءُ الْيَهُودِ: كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ كَتَمُوا صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَتَاعِ الدُّنْيَا. قَالَ الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَا يَبْعُدُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى جَمِيعِ أصناف الكفار بدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِلَى قَوْلِهِ: وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا [الْمَائِدَةِ: 41] فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ حُزْنَهُ كَانَ حَاصِلًا مِنْ كُلِّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي الْآيَةِ سُؤَالٌ: وَهُوَ أَنَّ الْحُزْنَ عَلَى كُفْرِ الْكَافِرِ وَمَعْصِيَةِ الْعَاصِي طَاعَةٌ، فَكَيْفَ نَهَى اللَّهُ عَنِ الطَّاعَةِ؟
وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ كَانَ يُفَرِّطُ وَيُسْرِفُ فِي الْحُزْنِ عَلَى كُفْرِ قَوْمِهِ حَتَّى كَادَ يُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 436
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست